الجمعة، 12 سبتمبر 2008

خيال مآتة برتبة جنرال



استيقظ مبكرا كالمعتاد ومنزعجا من نعيق الغربان الذي يصم الآذان وزقزقات الطير ودبيب جحافل النمل في مزرعته في الجوار...هذه المزرعة اشتراها من مال حساباته السرية التي كانت تكتنز بها ...الهبات والعمولات التي تأتيه من الخارج..جراء العديد من الانقلابات الفاشلة التي ظل يقودها في العهود الماضية وتنتهي بفواجع أليمة وإعدامات... لعب على كل الحبال لا يهم الخارج إن كان المعسكر الشرقي أم الغربي...الآن يعيش وحيدا مع زوجته بعد أن هاجر كل أبنائه إلي الخارج...وبقي مع زوجته في تلك التخوم النائية من البلاد هروبا من صديق موجع يسمى((الضمير))...

********

خرج من المنزل ونظر إلى الأفق الشرقي..إلي خيال المآتة الذي يقف في انكسار وسط حقول الذرة الشامي.. في انكسار وقد استباحته الغربان والطيور وسلحت على رأسه وفكت بمناقيرها مشدة الرأس وجعلت الثوب الأبيض أشبه بخارطة العالم السياسية في أطلس مناهج التربية..

*********ا

ن خيال مآتة في شكل مواطن عادي لا يجدي مع هذا النوع الخبيث من الأعداء..في هذا اليوم اعتزم أمراً جللاً..عاد إلى البيت ودخل غرفته التي يرتفع منها غطيط زوجته النائمة وضرا طها أيضا..فتح خزانة الملابس القديمة واخرج بزة الجنرال العتيدة المزينة بالأنواط والنياشين التي أسبغتها عليه الحكومة لجهوده المقدرة في قمع كافة أشكال التمرد والعصيان في طول البلاد وعرضها..ثم نضى الغبار عنها وتركها جانبا واحضر الأخشاب اللازمة لصنع خيال مآتة برتبة جنرال

****************

في اليوم التالي ...أصاب الغربان والطيور الفزع الشديد وهربت من كل أنحاء البلاد وفي كافة الاتجاهات تتخبط باجنحتها..والتزمت جحافل النمل بحظر التجوال...وعم السكون المطبق المكان إلا من حفيف السنابل مع الرياح..كأنها جماهير الغوغاء تهتف بحياة الجنرال الشامخ المزين بأنواط الشجاعة ووسام الخدمة الطويلة والممتازة الذي يتوسط الحقول...ضحك الجنرال،ظل يحدق في الأفق المعتم .. إلي الطاغية الجديد..تتلامع النجوم والنياشين على صدره مع أشعة الشمس الغاربة..عاد إلى المنزل سعيدا..بعد انجازه أول وأخر انقلاب ناجح قام به في حياته دون تدبير قوى خارجية أو أرصدة في البنوك...دلف إلي غرفته التي يرتفع منها غطيط زوجته المعتاد وضرا طها أيضا..تناول آخر قرص فياجرا أرسله له ابنه الذي هاجر إلى أمريكا منذ أمد بعيد وتناول عشاؤه الخفيف قطعة خبز مع جبن فيلادلفيا واستلقي جوار زوجته ونام ..لحظات وارتفع غطيطهما معا...وتبادلا إطلاق نار متقطع في سيمفونية الليل المرعبة..

*************

في الخارج خيم السكون المطبق على كل الأرض بعد الهجرة القسرية للغربان والطيور ...والتزام كافة جحافل النمل بحظر التجول..رعبا وفرقا من الجنرال الجديد المصنوع من الخشب الذي حكم البلاد ...

ليست هناك تعليقات: