الخميس، 25 يونيو 2009

بيت الشاتي

سيرة مدينة: ....بيت الشاتي...........

كل ما استيقظ صباحا على صوت ثلاث عصافير تغرد فى نافذة الفصل الذي اتخذه مسكننا فى مدرسة على تخوم قرية فى سهول تهامة فى اليمن ، قرية مظلمة حسبها من الحضارة ان تظهر على الخارطة ولكنهاتضى ء بقلوب اهلها الطيبين ..اسال نفسى(لماذا انا هنا؟؟واتداعى.......... .......................................هكذا كنا نراها...الجدة الشاتي ام سليمان..تقبع في بيتها وحيدة بعد رحيل الوالد والولد الي الرفيق الاعلى او الى الخرطوم...بيتها يقع وسط محيطات لا نهائية من الرمال الوقحة التي تدفن كل شيء....كنا نغامر انا واخوتي الصغار في عبور هذه البحور المشتعلة من الرمال التي تحرق اقدامنا الصغيرة لنزورها وننعم بكرمها الحاتمي من تمر وجرم وبسكويت كوكو..كانت غاية في الجمال لا تقل من النساء الائي يزينن صناديق الحلوة "دايما على بالي" وكريكاب وتزين بها البرندة حيث تقبع هناك في جلالها المعهود تغمرنا ا بابتساماتها الطيبة ونظراتها النافذة التي لا تقل من اسي لكائن وحيد يعيش في بيت يضج فقط بالزكريات الصادقة وجميلة والتي مهما تجافينا نقول حليلا..وعند الغروب تكون زيارتنا الثانية لطائر الغرنوق الجميل..لانها تكون قد ابت من المزارع وتحمل سنابل الذرة الشامي...نهجم على الحمار ونتسابق في قطع رؤؤس الذرة كما يفعل امهر سفاح في عالمنا المعاصر او اصولي متشدد في العراق...تشعل لنا الجدة الفحم ويتلظى الاتون ونلقي باكواز الذرة وتنبعث الطقطقات والعويل وتخافتنا حولها..وكما قال المطرب الشعبيحلاة ناسا بلا السكرطعم قراصة في قدحا من الدبكركواريك شفع المغربيقلبو في الجمر قنقر...........وعندما يعسعس الليل..وتسكن الكائنات..يرتفع انين سيارة من الشرق..تنهض الشاتي وتنظر في الافق المعتم لمصابيح السيارة التي تتقاطع من بعيد ومن نفيرها المنغم ؟!!بنغمة شعبية تدل على سائقها ونعرف هل هو لوري عطاية ام جابر..تحدق الشاتي في الافق للحظات وتجلس وتنظر الينا في اسى وتتنهد..."ان اللذين يمضو لا يعودون"...منذ ان بدات هجرة النخيل الى المدن الخراب بعد ظهور مرفق السكة الحديد.. نغادرها وحيدة مع قليل من الدجاج والماعز وحمارها الاعجف..فتتكوم في العنقريب وتتغطى بثوبها النظيف وهي تتمتم بايات قرانية ..في انتظار جودت الذى لا ياتي ابدا.... وكغيرها من كائنات الرمال تبقي الشاتي فقط في اروقة الذاكرة كامراة كان لها موقف من الحياة واثرت البقاء في الرمال على النزوح للبنادر المزعجة...وتصبح احدى شخصيات رواية الساقية*.................كل ما استيقظ صباحا على صوت ثلاث عصافير تغرد فى نافذة الفصل الذي اتخذه مسكننا فى مدرسة على تخوم قرية فى سهول تهامة فى اليمن ، قرية مظلمة حسبها من الحضارة ان تظهر على الخارطة ولكنهاتضى ء بقلوب اهلها الطيبين ..اسال نفسى(لماذا انا هنا؟؟واتداعى..........
الحديدة 1998 رواية الساقية: منشورات مركز عبادي للدراسات والنشر -صنعاء اليمن 2005