الله ، الحي ، العالم ، المريد ، القادر ، السميع ، البصير ، المتكلم … خلق الإنسان جعله حي ، عالم ، مريد ، قادر ، سميع ، بصير ، متكلم .. إلا أن صفات الإنسان عند طرف النقص وصفات الله في مطلق الكمال .إن الجمال الحسي والمعنوي متعة المتأملين ، لهذا الجمال انعكاسات فطرية داخل الإنسان ، جعلته يقلد الخالق في عملية الخلق والابداع (Creatives) ، فكانت الفنون بأنواعها المختلفة ، بدأت في شكل رسومات لحيوانات على جدران الكهوف أو تماثيل منحوتة من الصخر ، تطورت هذه الفنون وتشعبت عبر التاريخ ، إن عملية الإبداع هي خروج الفكرة إلى حيز الوجود ، لا بد لذلك الإبداع الفني من أدوات أهمها الطاقة التي تكمن في الإنسان وتمده بالحياة ، الإرادة الحرة ، الحواس المرهفة القادرة على إبراز العمل في أبهى صوره ، والقرآن قد تناول الحس الجمالي (Sense of Beauty) في العديد في الآيات منها قال تعالى ] والانعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون (5) ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون (6)] (سورة النحل) .. في آيات أخرى قال تعالى ] والنخل باسقات لها طلع نضيد] (10 ق) .كما تناول عملية الإبداع الفني أيضاً في الآية قال تعالى ] يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات أعملوا آل داود شكراً وقليل من عبادي شكور] (13 سبأ) .يولد الإنسان وهو مزود بنوعين من الطاقة ، طاقة لطيفة (Soft Energy) وهي الطاقة الفكرية ، طاقة كثيفة (Tough Energy) هي الطاقة الجنسية .قال العالم الإنجليزي تشارلز داروين .. (إن الدم والغذاء يذهبان إلى الأعضاء الأكثر استعمالاً) لذا تتباين أشكال الناس وأحجامهم ، ووفقاً لهاتين الطاقتين ينقسم الناس إلى ثلاث أنواع .. إنسان عقلاني وهو الذي اكتمل عقله قبل جسده في طور التخلق الجنيني (Gasterulation) ويمتاز شكلاً بالنحافة وبروز العظام وذلك لذهاب جل الغذاء إلى الدماغ ويكون بذلك متفوقاً في الجوانب الفكرية والفلسفية ، النوع الثاني الإنسان العضلي وهذا الذي نشأ عقله وجسده في نفس الوقت في طور التكوين الجنيني أصحاب هذا النوع من الجسد ، الناس العاديين ، بارزين العضلات أجسادهم جميلة ومتناسقة ، هم من المهنيين ، متفوقين في الرياضة بكافة أنواعها وذلك للتركيب القوي للجسد .. النوع الثالث الإنسان الحشوي وهذا من تكون جسده قبل عقله في طور التخلق الجنيني ، لذلك يكون جسده مكتنز وملامحه طفولية وهذا في الغالب يكون من أرباب المال والتجارة والسعادة الحسية حيث تطغى عليه الطاقة الكثيفة (Tough Energy) ، وهذا التقسيم عام ليس قاعدة حيث يتباين الناس في المزاج والشكل طبقاً للأمراض والظروف النفسية والبيئية للشخص ، كما أن كل شخص له خصائصه وقدراته الخاصة بما في ذلك الحس الجمالي الذي يقود الإنسان إلى الإبداع بكافة أنواعه التي سنفصلها لاحقاً .نعود إلى المخ ونغوص في أعماقه وصفاته التشريحية ، الإنسان يمتلك في المخ منطقة تسمى الوجدان (Sentiment) وهي جزء من اللاشعور (Unconsious) . معروف تشريحياً أن الأعصاب التي تخرج من الجهاز العصبي للإنسان نوعين ، واحد وثلاثون زوج تخرج من النخاع الشوكي (Spinal Nerves) وهي مسؤولة عن عمل الأجهزة بصفة عامة والنوع الآخر أثنى عشر زوج من الأعصاب الدماغية (Cranial Nerves) وهذه الأعصاب تلعب دوراً كبيراً في تجسيد الانفعالات لانتشارها في الوجه وتتصل بأجهزة حساسة مثل القلب لذلك يتولد في الإنسان شعور خاطئ بأن القلب مركز العواطف ، وهذه الأعصاب تضرب بجذورها في منطقة الوجدان في اللاشعور ويتولد بذلك عبرها الانفعالات العميقة مثل الفرح والحزن .. الحب والكراهية . وكل الدوافع اللاشعورية الأخرى ، نعود للموضوع الذي يتعلق بالطاقة في الإنسان "إن الطاقة المادة لا تفنى ولا تستحدث من العدم بل تتحول من صورة إلى أخرى " (1) وهذا ما يحدث للطاقة الجنسية ، هذه الطاقة الجبارة تستطيع أن تتسامى بإرادة الإنسان (Sublimation) ولاتصالها باللاشعور تتحول إلى أعمال فنية وإبداعية مع وجود الذاكرة (Memory) والإلهام (Inspiration) كعامل مساعد (Catalist) لا بد للإنسان حتى يكون مبدعاً خلاقاً (Creative) في أي مجال من مجالات الفنون المختلفة أن يتمتع بذاكرة معدنية / قوية وخيال جامح ، الذين يشكلان أحلام اليقظة التي هي المنابع المثيرة للعملية الإبداعية .لنسأل أنفسنا ما هو الفن ؟ "الفن هو التعبير عن ملكة التعبير في الإنسان ، كل إنسان قادر أن يعبر عن هذه الملكة في صور الفن المختلفة من الأدب كالقصة والشعر والنثر" ، فنون جميلة "كالرسم والنحت والتلوين" ، فنون تعبيرية "كالموسيقى والغناء والرقص والتمثيل" . هذه الأشكال في الفن رغم اختلافها ظاهرياً إلا أنها ذات جوهر واحد هو التعبير عن الحس الجمالي (Sense of Beauty) في الإنسان.السينما أم الفنون كلها ، تستوعب كل هذه الفنون مجتمعة ، فيها الإنسان يصنع عالم ، يتحكم فيه ويدير أحداثه "السناريو" يصنع مناظره "الديكور" .. يضيف له الموسيقى التصويرية وغيرها من العوالم السحرية "المؤثرات" لذلك تعتبر السينما فن متكامل لإشباع كل حاجات الإبداعية وهي من أعظم إنجازات القرن العشرين .لعبت الفنون دوراً بارزاً في خدمة العلم عبر العصور ، فإذا كان الإبداع محاولة للتحرر من قيود الزمان والمكان ، نلاحظ أن المخترعات التي هي صور الإبداع العلمي كانت مستوحاه من إلهامات الفنانين . العين السحرية في أساطير ألف ليلة وليلة ، أصبحت التلفزيون ، وبساط الريح أصبح الطائرة والرياح التي تحمل الكلام في روائع شكسبير أضحت الموجات الكهرومغناطيسية وإن الدور الذي تقوم به السينما اليوم من أفلام الخيال العلمي (Science fiction) ، سيكون غداً واقع ملموس بين أيدي العلماء ، ليس هناك إختلاف جذري بين الإبداع العلمي والإلهام إذ أن الإلهام يشبه الإبداع في أنه أحد مظاهر التخيل وإن الفرد يتوصل فيه فجأة إلى اكتشاف شيء جديد ، إلا أن الإلهام أقرب إلى الأدب والفن ويغلب عليه الطابع الوجداني(Sentimental) فيما الإبداع أقرب للعلم التجريبي ويغلب عليه الطابع العقلي (Mental) .إن الشعوب الأصيلة هي التي تستلهم من فنونها وآدابها وتراثها إضاءات للتقدم والتحديث (Modrenization) كما تفعل اليابان ، وليس الشعوب التي تحيل تراثها إلى مسخ مشوَّه تقليداً للغرب (Westarnization) كما تفعل أمتنا العربية المستلبة ويصبح المعيار الحقيقي للشعوب هو ما تقدمه تلك الشعوب من فنون وآداب كنماذج حية لروح الإبداع الإنساني المستمر عبر العصور .
(1) قانون بقاء المادة .
(1) قانون بقاء المادة .
هناك 7 تعليقات:
تلخيص رائع.. موفقين
مدونه ممتازه
شكرا جزيلا
رائع جدا شكرا لمجهوداتكم
تمنياتنا لكم بالمزيد من التقدم والازدهار
مدونه قيمه
شكرا جزيلا
رائع جدا
تمنياتنا لكم بالمزيد من النجاح والازدهار
ممتاز
بالتوفيق
المدونه رائعه
إرسال تعليق